responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 237
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِشَارَةٌ إِلَى الْعَمَلِ الْبَدَنِيِّ.
وَقَوْلُهُ: وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ إِشَارَةٌ إِلَى الْعَمَلِ الْمَالِيِّ، وَفِي الْآيَتَيْنِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ، فَقَوْلُهُ: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ إِشَارَةٌ إِلَى عَمَلِ الْقَلْبِ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ إِشَارَةٌ إِلَى عَمَلِ اللِّسَانِ. وَقَوْلُهُ: وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ إِشَارَةٌ إِلَى عَمَلِ الْجَوَارِحِ، ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الثَّلَاثَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَانِبِ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِهِ، لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ مَنْ يُعَظِّمُ مَلِكًا إِذَا رَأَى عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ فِي حَاجَةٍ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ حَاجَتِهِ وَإِنْ تَهَاوَنَ فِيهِ يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: عَبْدِي مَرِضْتُ فَمَا عُدْتَنِي، فَيَقُولُ الْعَبْدُ: كَيْفَ تَمْرَضُ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ اللَّهُ مَرِضَ عَبْدِي فُلَانٌ وَمَا زُرْتَهُ وَلَوْ زُرْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ، يَعْنِي التَّعْظِيمُ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّفَقَةِ فَحَيْثُ لَا شَفَقَةَ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ لَا تَعْظِيمَ لِجَانِبِ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سِرًّا وَعَلانِيَةً حَثٌّ عَلَى الْإِنْفَاقِ كَيْفَمَا يَتَهَيَّأُ، فَإِنْ تَهَيَّأَ سِرًّا فَذَاكَ وَنِعْمَ وَإِلَّا فَعَلَانِيَةً وَلَا يَمْنَعُهُ ظَنُّهُ أَنْ يَكُونَ رِيَاءً، فَإِنَّ تَرْكَ الْخَيْرِ مَخَافَةَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إِنَّهُ مُرَاءٍ عَيْنُ الرِّيَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:
سِرًّا أَيْ صَدَقَةً وَعَلانِيَةً أَيْ زَكَاةً، فَإِنَّ الْإِعْلَانَ بِالزَّكَاةِ كَالْإِعْلَانِ بِالْفَرْضِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ إِشَارَةٌ إِلَى الْإِخْلَاصِ، أَيْ يُنْفِقُونَ لَا لِيُقَالَ إِنَّهُ كَرِيمٌ وَلَا لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ، فَإِنَّ غَيْرَ اللَّهِ بَائِرٌ والتاجر فيه تجارته بائرة.

[سورة فاطر (35) : آية 30]
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ أَيْ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ وَلَوْ كَانَ أَمْرًا بَالِغَ الْغَايَةِ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أَيْ يُعْطِيهِمْ مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِمْ عِنْدَ الْعَمَلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَزِيدُهُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ كَمَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الزِّيَادَةِ إِنَّهُ غَفُورٌ عِنْدَ إِعْطَاءِ الْأُجُورِ شَكُورٌ عِنْدَ إِعْطَاءِ الزيادة.

[سورة فاطر (35) : آية 31]
وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ.
لَمَّا بَيَّنَ الْأَصْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ وُجُودُ اللَّهِ الْوَاحِدِ بِأَنْوَاعِ الدَّلَائِلِ مِنْ قوله: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ [فاطر: 9] / وقوله: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ [فاطر: 11] وقوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ [فاطر: 27] ذَكَرَ الْأَصْلَ الثَّانِيَ وَهُوَ الرِّسَالَةُ، فَقَالَ: وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ وَأَيْضًا كَأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ فَقَالَ: وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ تَقْرِيرًا لِمَا بَيَّنَ مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ فِي تِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ فَتَالِيهِ مُحِقٌّ وَمُحَقِّقٌ وَفِي تَفْسِيرِهَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: مِنَ الْكِتابِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ كَمَا يُقَالُ أُرْسِلَ إِلَيَّ كِتَابٌ مِنَ الْأَمِيرِ أَوِ الْوَالِي وَعَلَى هَذَا فَالْكِتَابُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ يَعْنِي الَّذِي أَوْحَيْنَا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَيْكَ حَقٌّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُوَ الْقُرْآنُ يَعْنِي الْإِرْشَادَ وَالتَّبْيِينَ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْبَيَانِ كَمَا يُقَالُ أُرْسِلَ إِلَى فُلَانٍ مِنَ الثِّيَابِ وَالْقُمَاشِ جُمْلَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: هُوَ الْحَقُّ آكَدُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ حَقٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إِنَّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست